الاثنين، 17 سبتمبر 2012

من تاريخ الحضارة والشجاعة والفخر والدم في مدينة الناصرية 
سرد تاريخي لبعض الحوادث في الكتب والمرويات عن مدينة الناصرية
لم يكن لي فضل فيه سوى النقل والتدوين والتنقيح والايضاح في بعض نقاطه
تعد الناصرية العراقية, التي أطلق عليها البعض (ناصرية العرب), من أقدم مدن العراق, وأعرقها في التاريخ, وتعود ولادتها إلى منتصف الألف الرابع قبل الميلاد , حيث أسسها السومريون القدامى في تل العبيد , وشيدوا في (أور) صرح أعظم وأرقى حضارة عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ, واكتشفت فيها الزراعة لأول مرة, واهتدى فيها الناس إلى صناعة السفن الشراعية والمراكب من القصب والبردي , وتعلموا فيها ركوب البحر, وفنون الملاحة البدائية , واليها ينتسب أبو الأنبياء وتاج الأصفياء , إبراهيم الخليل عليه السلام , وتميزت (أور) بزقورتها , وفيها تأسست أولى المدارس في كوكب الأرض , وكان فيها أول معلم , وأول تلميذ , ودارت في ضواحيها أول العجلات, وخُطت فيها على ألواح الطين أول حروف الكتابة والتدوين بالخط المسماري, وسُنت فيها أول الشرائع , وفيها تعلم الإنسان أول خطوات علم الفلك والرياضيات, وكانت أرضها مسرحا لملحمة الطوفان , وهي أقدم الملاحم البشرية , وامتد بها العمر إلى قبيل ظهور الإسلام حيث دارت على أرضها معركة ذي قار , وهي المعركة الفاصلة , التي سجل فيها العرب انتصاراً ساحقا على الجيوش الفارسية , وشاءت الأقدار أن تتكرر الانتصارات العربية على الفرس في هذه الأرض المباركة , وبعد انتصار القادسية  قام أبو موسى الأشعري بفتح الأحواز ، وظل إقليم الأحواز منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الغزو المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م) ، ومقرها (سوق الشيوخ خالياً عشيرة السادة المشعشعين ) واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها .    ثم نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها كذلك ، وقامت الدولة الكعبية على أنقاض الدولة المشعشعية فقد قامت عشائر بني كعب بإسقاط إمارة المشعشعين واسسو إمارة تاريخية عام        ( 1690 ) بقيادة الأمير ناصر بن محمد وقد استمرت إمارة البو ناصر ( 152) عام من 1690 إلى 1839 وبعد سقوط الإمارة بسبب خلافات بسيطة المقصود إمارة البو ناصر استلم الإمارة البو جاسب من بني كعب أيضا (85) عام من عام 1839 إلى 1924 (( إن قبيلة بني كعب القبيلة العربية العدنانية الأصل المعروفة بأصالتها التاريخية قد اشتهرت بإمارتها التي دامت أكثر من (273عام ) في جنوب العراق وإمارة كعب هي شجرة حميدة وليس على ثمارها غبار كان سكنهم الجزيرة العربية ( نجد ) ونزحت قبيلة بني كعب إلى العراق عام ( 1680 ) في القرن السابع عشر بقيادة الأمير ناصر بن محمد بن بدر بن عثمان بن عامر بن عزيز بن علي بن عبد الله بن مزاحم .
وعند مجيئهم العراق استوطنوا مدينة الناصرية، التي نزحت من مواطنها الأصلي مدينة نجد في شبه الجزيرة العربية لتستقر فترة من الزمن على السواحل الخليجية الغربية منها ثم صعدت شمالا حيث سكنت في القسم الجنوبي من إقليم عربستان وبنت مدينة قبان في منتصف القرن السابع عشر وأخذت تزرع وتربي الحيوانات وهذه هي البداية لتأسيس الدولة الكعبية في الاحواز
وتشير كتب التاريخ إلى إن إمارة بني كعب قد توسعت من جهتي الشمال والشرق ونمت نمو سريع محافظة على استقلالها فلم ترضح للفرس ولا للأتراك حيث ادعت الدولتين حق السيادة عليها
وقد استفادة الإمارة من خلاف الدولتين  وتوسعت في التجارة والملاحة وكانت الدولتين يلتمسون كل السيل لغرض التقرب من بني كعب حيث أصبح لديهم أسطول كبير في الخليج العربي في القرن الثامن عشر
وقد حكم بني كعب هذه الفترة كأمارة أولى أمير ناصر بن محمد الذي يعتبر المؤسس الأول لإمارة بني كعب البو ناصر 1690 إلى 1705 حيث حكم بعده أولاده 33 عام وكان لكعب تسع رايات
 1- البو ناصر
 2- البو غبيث
3- العساكرة
 4- المقدم
 5- البو كاسب
 6- المحسن
 7 – الادريس
 8- النصار
 9- الحزبة
 
واستمر حكم البو ناصر حيث استلم إمارة بني كعب البو كاسب عن طريق الشيخ يوسف المردا وهو أول من تولى الإمارة وبعده جابر المردا 1823
بعده مزعل وأخر الأمراء البو كاسب الشيخ خزعل الكعبي الذي لم يبخس التاريخ دوره في اضهار اسم  بني كعب بصورة خاصة والعرب بصورة عامة حيث تأمر عليه الفرس والإنكليز
  وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الأمير ناصر ونزحوا منها بعد إن قضوا ما يقارب العشر سنوات فيها وقد استوطنوا ضفاف شط العرب جنوب العراق))
وبعد تأهيل نهر كارون وإعادة فتحه للتجارة وإنشاء خطوط سكك حديدية مما جعل مدينة الأحواز مرة أخرى تصبح نقطة تقاطع تجاري. وأدى شق قناة السويس في مصر لزيادة النشاط التجاري في المنطقة حيث تم بناء مدينة ساحلية قرب القرية القديمة للأهواز ، وسميت ببندر الناصري تمجيداً لناصر الدين شاه قاجار وبين عامي 1897 و1925 حكمها الشيخ خزعل الكعبي الذي غير اسمها إلى الناصرية ، وناصرية العجم  هي مدينة عربية أصيلة شيدها الشيخ ناصر بن محمد أمير قبيلة كعب, وهو التفسير الثابت في المراجع التاريخية كا اوضحت الكتابات التاريخية , وعلى الرغم من أن البعض قال إنما سميت بالناصرية نسبة إلى الملك القاجاري (ناصر الدين شاه) إلا أن الفضل الأول يعود للشيخ ناصر بن محمد ألكعبي في تأسيس إمارة البو ناصر , وهو أول رئيس معروف لبني كعب في إمارة البو ناصر, وسميت هذه الإمارة باسمه (إمارة البو ناصر), وخضعت في الفترة من عام 1690 إلى 1722 إلى تعاقب حكم الأشقاء محمد وعبد الله وسرحان , وتولى الإمارة من بعدهم الشيخ فرج الله بن عبد الله ألكعبي عام 1722م , ووقعت في أيامه مواجهات دامية بينه وبين الملوك القاجاريين في بلاد فارس, واستطاع رجال كعب أن يتصدوا للهجمات الفارسية القاجارية, ويسجلوا أروع
الانتصارات دفاعا عن ناصرية البو ناصر, ويعد سلمان بن سلطان بن ناصر من أقوى الأمراء العرب , الذين حكموا هذه الإمارة , وشهدت في عهده الإصلاح والتقدم والعمران , فحفر الأنهار وشق الترع , وأقام السدود ونظم الزراعة , واستطاع أن يبني أسطولا حربيا جاب به مياه شط العرب وحوض الخليج العربي , وتعرض بأسطوله الحربي للسفن البريطانية والفارسية والتركية , ونجح في الاستيلاء على سفينتين من سفن شركة الهند الشرقية , لكنه اضطر في عام 1747 إلى نقل إمارته إلى الفلاحية في الدورق بعد قتال عنيف دار بينه وبين الغزاة ، وفي عام 1767 م توفي الشيخ سلمان ، وتولى الإمارة بعد وفاته أولاده وأحفاده , وكان آخر من تولى هذه الإمارة هو الشيخ عبد الله بن عيسى بن غيث بعد وفاة أخيه الشيخ رحمة بن عيسى بن غيث , واستمر الوضع على هذه الحالة حتى عهد الشيخ خزعل آخر وأقوى الأمراء العرب في بلاد فارس ففي عام 1777 اندحر الفرس في معركة (الفضلية) ،على يد قبائل المنتفك , وتكبدوا خسائر فادحة , وبعد هذه المعركة بعام واحد التقى العرب مع الفرس في موقع (أبو حلانة ) , فانهزم الفرس مرة أخرى أمام شجاعة وبسالة رجال المنتفك , عام 1775م حاصرت الدولة الفارسية البصرة وقد كانت المنتفق تزودها بالمؤن بالإضافة إلى تواجد بعض قواتهم وقادتهم داخلها للدفاع عن المدينة , يذكر ابن لعيون في تاريخه , ص: 512 ((( وفي سنة1189حاصر العجم البصرة . سار بهم كريم خان ألزندي  واستمر الحصار سنة ونصف ، ومتسلمها من جهة الروم سليمان باشا وفيها : ثويني بن عبد الله آل شبيب وغيره من المنتفق والعرب))). ومن ثم قرر والي البصرة العثماني تسليم المدينة , فانسحبت منها قوات المنتفق في الفترة التي سبقت التسليم وأشاعوا مقتل الأمير ثامر بن سعدون حتى تتمكن قواتهم من الانسحاب , وبعد ذلك احتلتها الدولة الصفوية و استمر الاحتلال حتى عام 1779م . وهذا الحدث يعتبر من أهم الأحداث في تاريخ الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر كون احتلال الدولة الفارسية للبصرة كان يهدف الى جعلها مركز عسكري ينطلقون منه لاحتلال بقية سواحل الجزيرة العربية حتى مسقط . ذكر لوريمر في كتابه دليل الخليج , القسم التاريخي , ج4 , ص: 1869 , متحدثا عن كريم خان الزندي بعد احتلاله للبصرة ((( كما أمر بأن يقدم اليه وصف تفصيلي وواضح للبلاد الممتدة من البصرة باتجاه مسقط , ومن هذه التعليمات الأخيرة يبدو أن الوكيل لم يكن يهدف لأن يستغل هذا الإقليم ماليا فقط , بل وينوي أيضا إن اتخاذه قاعدة لفتوحات أخرى ))) ولأن إمارة المنتفق هي القوة الكبرى المواجهة للجيش الفارسي كونها تضم معظم قبائل جنوب ووسط العراق حضر وبادية) والتي ينبغي عليهم إخضاعها حتى يسيطروا على العراق ويتجهوا إلى شرق الجزيرة العربية فقد أرسل صادق خان الزند إلى أمراء المنتفق يطلب منهم الخضوع له ويهددهم , وتم رفض طلبه , فقام بإرسال جيش يتكون من ستة آلاف خيال وثلاثة آلاف من المشاة مع ثمانية عشر زورقا نهريا تحمل المدافع , وقد تصدت المنتفق لهذه القوة وهزمتها وإبادة أغلبها في معركة الفضلية الشهيرة في تاريخ العراق , هذه الهزيمة كانت قاسية جدا للفرس ولكريم خان الزند مما دفعه إلى تجهيز قوة أكبر ودعمها بقوات من بني كعب ومن عشائر الكثير وقادها علي محمد خان , وقد ابيد هذا الجيش أيضا بخطة عسكرية محكمه من المنتفق وقتل القائد علي محمد خان وأخواه . يتحدث عباس العزاوي , في موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , ج 6 , ص 95 , حوادث سنة 1193هـ 1779م , عن علي محمد خان والمعركة الثانية مع الدولة الصفوية ((( وتقدم الى المنتفق بنحو عشرة آلاف... ولم تمض مدة حتى انجلت الحرب عن انتصار العرب . وهلك في هذه الحرب علي محمد خان وأخواه وباد جيشهم سوى 35 خيالا وغنمت العشائر كافة مهماتهم ومعداتهم ))). يذكر لوريمر في كتابه دليل الخليج , القسم التاريخي , ج4 , ص: 1874 ، متحدثا عن خطة المنتفق العسكرية للأمير ثامر بن سعدون في المعركة الثانية مع الدولة الفارسية ((( وبعدها نجح الشيخ ثامر شيخ المنتفق في استدراج قوة إيرانية كبيرة من البصرة إلى مساحة من الأرض , يحدها مجرى الماء من الشمال , وشط العرب من الشرق وخليج من الجنوب وهي تبعد حوالي 17 ميلا عن المدينة , وهناك كان عدد ضخم من عرب المنتفق بانتظار وصول القوة الإيرانية , حيث أعملوا فيها القتل حتى أبادوها عن أخرها , وكان من بين القتلى علي محمد خان نفسه ومن هذه الحوادث نستطيع أن نفهم أن الإيرانيين لم تكن لهم أي سيطرة خارج أسوار مدينة البصرة  )))
ويلخص ابن الغملاس المعركتين في كتابه البصرة .. ولاتها ومتسلموها من تأسيسها حتى نهاية الحكم العثماني , ص 78  ثم بعد أن استولوا على البصرة بهذه الصورة الشنيعة توجهوا بعساكرهم الكثيرة إلى جهة المنتفق فلما سمع بهم ثامر وثويني رئيسا المنتفق جمعا لهم قوة كافية من العربان والعشائر وخرجا لمقابلتهم وذلك في سنة 1191هـ فالتقى الجمعان في محل يقال له الفضلية في غربي شط الفرات فاشتعلت نار الحرب بينهما فما استدامت غير نصف نهار حتى انجلت عن انهزام العجم انهزاما شنيعا وعقبهم فرسان العرب حتى قتل منهم خلق كثير وغرق منهم جانب عظيم , واستولت العرب على خيلهم وأسلحتهم وعددهم وكانت أموالا كثيرة لا تعد ولا تحصى . قيل : وأحصي من قتل من العجم في هذه الوقعة فبلغ زهاء ستة آلاف قتيل , فلما وصل الخبر إلى شيراز غضب كريم خان ألزندي فجمع عسكرا ضخما مدهشا وأرسلهم في قيادة محمد علي خان ألزندي ليستأصلوا المنتفق عن أخرهم , ولما أخبر رؤساء المنتفق بذلك تهيئوا لهم واستعدوا للموت ,  فبرزوا لهم في محل يقال له أبو حلانه فالتقى الجمعان في المحل المذكور وحمي وطيس الحرب فلم تمض ثمان ساعات حتى انكشفت الحرب عن انهزام العجم ولم يتخلص من القتل إلا العشر منهم , وكانت هذه الوقعة من أعظم الوقائع التي انكسرت بها شوكت العجم وهي في يوم الخامس عشر من ذي القعدة سنة 1192هـ وقد استولت العرب على مهمات العساكر الأعجمية وخيولهم وأموالهم وكان ممن قتل فيهم محمد علي خان القائد ))). ويذكر المؤرخ ابن سند البصري ( المولود عام 1765م ) غنائم المنتفق في المعركة الثانية , كتاب مختصر مطالع السعود في أخبار الوالي داوود المقتطع من خزانة التواريخ النجدية , ص: 259 ((( وغنم العرب مغنما لم يسمع بمثله لأن العجم كانوا متمولين من أموال أهل البصرة , ووفدت الشعراء ثويني للتهنيئة , خصوصا بقتل محمد علي خان , وممن شهد هذه الواقعة وأبدى من البسالة غايتها حمود بن ثامر ومحمد بن عبد العزيز بن مغامس )))
وبعد النصر حاصرت المنتفق البصرة , وبعد وصول خبر وفاة الحاكم كريم خان الزند في إيران , هرب صادق خان من البصرة مع جيشه خوفا من أن تجتاحه المنتفق , ودخلت المنتفق البصرة , وبقيت سلطة المدينة بيد الأمير ثامر بن سعدون . وأخيرا يلخص ماكس فرايهير فون أوبنهايم تفاصيل الاحتلال والمعركتين ونتيجتهما في كتابه البدو , ج 3 , ص: 599 ((( صحيح أن المنتفق كانوا قد فوتوا فرصة منع الفرس من عبور شط العرب , لكنهم شاركوا بشجاعة في الدفاع عن المدينة التي قاومت الحصار سنة ونصف السنة والتي كان المنتفق وبني خالد يزودونها بالمؤن . بعد سقوط البصرة تابع المنتفق الحرب . ونصبوا كمينا للفرس المتقدمين على الفرات عند الفضلية , قرب عرقة , وهزموا عند أبو حلانه جيشا ثانيا يقوده أخو كريم خان . ولذلك حصل المنتفق , بعد انسحاب الفرس عام 1779م , على السلطة في البصرة))0
وخاض أبناء الناصرية عام 1813معركة أخرى في مواجهة الجيوش العثمانية , وكانت اشد وطأة من المعارك السابقة , ودارت رحاها هذه المرة في موقع يقال له (إغليوين), وهو نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ , واستمرت المعركة  لعدة أيام , انتهت بالنصر المؤزر لصالح المنتفك, الذين بسطوا نفوذهم السياسي والقومي على العراق كله, من شماله إلى جنوبه ,وسببها هو لجوء ( سعيد بك إلى ديار المنتفق التي كانت تحت حكم الأمير حمود بن ثامر السعدون في الفترة (1797- 1826) بعد تأكده من نيات والي بغداد ( عبد الله التوتنجي) لقتله وسعيد بك هو أبن سليمان باشا الكبير الذي كان والياً على العراق للفترة من 1780ولغاية 1802وقد امتنع الأمير حمود بن ثامر السعدون من تسليم الدخيل اليه الى الدولة العثمانية ,ووقعت المعركة في 10 كانون الثاني 1813 قرب نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ وهو نهر يشق قرية ( العساكرة ) فعندما نقول اليوم ناظم إغليوين نعني بذلك قرية العساكرة والقرى المحيطة بها والعشائر المجاورة لهاوقاد قوات امارة المنتفك الامير برغش بن حمود بن ثامر السعدون الذي جرح في المعركة وتوفي بعدها بيومين من أثار الجراح وانتهت المعركة بأنتصار قبائل المنتفك بعد الصمود البطولي الذي لايوصف بوجه مدفعية وقوات جيش الوال وتمكنت خيالة المنتفك بقيادة الامير علي علي بن ثامر السعدون من اسر الوالي ( عبد الله التوتنجي ) وكبار قادة جيشه فنقلوا الى مدينة سوق الشيوخ ( عاصمة امارة المنتفك ) كأسرى ثم تم قتلهم تحت اقدام سعيد بك ( دخيل المنتفك ) وبعد المعركة فرض الامير حمود بن ثامر السعدون سطوته على الدولة العثمانية وتوجه بقوات أمارة المنتفك الى بغداد واحتلها وقام بتنصيب سعيد بك والياً على بغداد بالقوة وقد أضطرت الدولة العثمانية الى أن تبلع الاهانة والاعتراف بـ ( سعيد بك ) كوالي ويذكر المؤرخ العثماني ابن سند دخول الامير حمود بن ثامر السعدون ومعه سعيد الى بغداد ، كتاب مطالع السعود في اخبار الوالي داوود ، المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، ص:304 (ثم توجه حمود مع سعيد باشا الى بغداد ودخلاها بالموكب والابهة والجاه ، وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور ، فرجع حمود الى المنتفق ، لكن سعيد باشا لايبرم صغيرة ولاكبيرة الا بمشورته وفي عام 1869 وقرر الشيخ ناصر بن راشد السعدون بناء مدينة تحمل اسمه , بحيث تكون مركزا للواء المنتفك وقاعدة له , وهكذا بوشر ببناء مدينة الناصرية في زمن الوالي مدحت باشا,, واختير موقع المدينة تحت خطر مياه بركة ( أبوجداحة) , ثم تلتها المساكن والأسواق التي بنيت من القصب والبردي, فتوسعت المدينة , وتوسعت محلاتها , وكان يحيط بها سور له أربعة أبواب , هي باب الشطرة , وباب   السديناوية, وباب الزيدانية, وباب القلعة.
وهي أول الحضارة التي علمت الناس الهندسة وأصول الكتابة والتدوين
و يلقب الشيخ ناصر السعدون بناصر الأشقر, وهو مؤسس ناصرية العرب , وينتسب إلى أسرة السعدون , التي يرجع نسبها إلى سعدون, بن محمد, بن مانع, بن شبيب الثاني, بن مانع, بن شبيب الأول, بن حسن , القادم إلى المنتفك من الحجاز , بن مانع , بن مالك , بن سعدون الأول , بن إبراهيم , بن كبش , بن منصور, بن جماز , بن شيحة , بن هاشم , بن قاسم (أبو فليته) , بن مهنا الأعرج , بن الحسين  (شهاب الدين) , بن مهنا الأكبر (أبو عمارة) , بن داود (أبو هاشم) , بن القاسم , بن عبيد الله , بن طاهر , بن يحي النسابة , بن الحسين, بن جعفر, بن عبيد الله (الأعرج) , بن الحسين (الأصغر) , بن علي (زين العابدين) , بن سبط سيد الثقلين أبو عبد الله الحسين , بن أول القوم إسلاما , وأخلصهم إيمانا , وأشدهم يقينا , فارس المشارق والمغارب, المهر الغالب , أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الوثيقة التي تتضمن العرض الذي قدمه السير برسي كوكس للشيخ عجمي السعدون بتنصيبه ملكا على العراق والجزيرة مقابل إعلانه الولاء للتاج البريطاني فرفضه الشيخ عجمي وأعلن تمسكه بدينه وعروبته ورفض الخضوع للغزاة  ، وأفخاذ السعدون هم:  الفالح, وهم شيوخ السعدون بالعراق حاليا, والبراك, والمشاري, والفهد, والعلي, والفهد ألمحمد, والعجيل, والمنصور, والحمادة, والصكر, والبندر, والراشد, والروضان, والعزيز, والبرغش, والسليمان وهم من المنصور, إما المنتفك فهم الأجود, وبني مالك بفروعهم كافة , وبني سعيد, وتنبع عشائر المنتفك من صلب العشائر العراقية التي دخلت بحلف المنتفك لتظهر على مسرح الحوادث في تاريخ العراق الحديث أسرة نبيلة تولت الإمارة، وحكمت العراق دهرا طويلا من الزمن مثل أسره السعدون المعروفة بأصالتها ونسبها العلوي الهاشمي القرشي المرتبط بالسلسلة الذهبية , فبسطت نفوذها على القسم الأعظم من العراق الجنوبي مدة تناهز 400 سنة ، تولى خلالها الزعامة ما يزيد على العشرين شيخا من أبنائها البارزين , وكانت هذه الأسرة العربية الكريمة أول من بعث الفكرة العربية من مرقدها في العراق الحديث ، وأول من حمل راية النضال والمقاومة المسلحة بوجه الأطماع التركية والفارسية والبريطانية ، لقد حفظت عشائر المنتفك للعراق وجهه العربي خلال القرون الماضية ، ووجد العثمانيون , منذ أن استولوا على العراق ، أنهم أمام مجموعات عشائرية قوية لها كيانها وسيطرتها، وخاصة في الجنوب ، الذي كانت تغطيه عشائر المنتفك، ذات المسؤولية الكبيرة داخل العراق وخارجه , واستطاعت أن تغرس على ضفاف الفرات بذرة الإمارة العربية الواسعة النفوذ , وتتمتع باستقلالية كاملة ،
فالناصريتان ( ناصرية العرب الحاضرة وناصرية العجم التاريخية في أمارة المنتفك ) مدينتان عربيتان عريقتان إحداهما تستلقي على ضفاف نهر الفرات, بينما تستلقي الثانية على ضفاف نهر كارون, وتوحدهما تربة السهل الرسوبي لجنوب الميزوبوتاميا الغنية بالعطايا والثروات, وتتعانق السفن القادمة منهما في مياه شط العرب, فترسوا على مرافئ العشار والمحمرة والخورة وخزعل آباد ، تتمدد الناصرية الأولى بين بادية الخميسية والغبيشية واهوار الجبايش , وترتمي الناصرية الثانية في أحضان المحمرة وجزيرة الخضر وتطل منها على اهوار الدورق والفلاحية , ارتبطت الأولى ارتباطا وثيقا بمدينة (أور) وملوك المملكة السومرية , وارتبطت الثانية بمدينة خاراكس , وكارخينا (الكرخة) وملوك مملكة ميسان , كانت الأولى بطلة ملحمة الطوفان من دون منازع , واشتركت الثانية في بطولات ملحمة الشاهنامة ، تأسست الأولى على يد الشيخ ناصر بن راشد السعدون , وتأسست الثانية على يد الشيخ ناصر بن محمد ألكعبي. تغنت الأولى برباعيات محمد سعيد ألحبوبي , وحملت الثانية رفات دعبل الخزاعي , كانت الأولى مهدا للنبي إبراهيم الخليل, وصارت الثانية مثوى للنبي دانيال , فارتبطتا معا بروابط التاريخ والدم والدين والثقافة والنسب والمصالح المشتركة , واتحدتا في مواجهة الغزاة والطغاة من الأتراك والفرس والقاجاريين والبرتغاليين والبريطانيين , كانتا داليتان متفرعتان من فسيلة واحدة , ولم تنشب بينهما أية خصومات أو نزاعات أو عداوات أو خلافات سياسية ، وكانت الناصرية الأولى تناصر الناصرية الثانية وتتخندق معها ضد الغزاة , وكانت الناصرية الثانية تنتصر لشقيقتها الأولى وتذود عنها ، فسجلتا صفحات مشرقة ومشرفة في سجلات المدن العربية الخالدة
وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها , واكتشفت بريطانيا حقول النفط لأول مرة في مسجدي سليمان , ودور خوين, والشعيبة , والبرجسية , وتل اللحم حتى سارعت بريطانيا وحلفاؤها إلى بسط هيمنها على الشرق الأوسط, وتقسيمه إلى دويلات وإمارات بموجب معاهدة (سايكس بيكو) , ورأت بريطانيا أن من مصلحتها أن تحث الخطى باتجاه تنفيذ مخططين استعماريين لا ثالث لهما , بعد أن وجدت نفسها بحاجة إلى إعادة النظر بمصالحها المستقبلية في المنطقة , وعلى هذا الأساس وضعت نصب أعينها تنفيذ المخطط الأول , الذي قررت فيه التخلص من الإمارتين العربيتين المتمردتين على الأنظمة الامبريالية , وهما إمارة ناصرية العرب, وإمارة ناصرية العجم, فضربت صقران عنيدان بمنجنيق واحد , واستعانت لتحقيق أهدافها هذه بكل السبل الدولية المتاحة , وسعت في المخطط الثاني إلى استبدالهما بإمارات عربية مستحدثة تدين بالولاء والطاعة المطلقة للتاج البريطاني , فتحقق ما قاله الطغرائي في لامية العجم , حين قال:
تقدمتني أناسٌ كان شوطُهمُ
وراءَ خطويلو أمشي على مهلِ
وان علاني من دوني فلا عجب
لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل